الجمعة 26 أبريل / أبريل 2024

"سقطت يا حمدوك".. أزمة السودان "تتدحرج" من منعطف إلى آخر

"سقطت يا حمدوك".. أزمة السودان "تتدحرج" من منعطف إلى آخر

Changed

يبدو أنّ التظاهر في الشارع مقابل شارع آخر مضاد هو الخيار المفضّل لأطراف الصراع السياسي في السودان في لحظة ينقسم فيها المدنيون على أنفسهم.

يبدو أنّ الأزمة السياسية في السودان تتدحرج من منعطف إلى آخر، دون أن يلوح في الأفق حل قريب.

جاء ذلك بعدما قدّم رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك رؤيته للحل في خارطة طريق دعا بها الأطراف السياسية إلى الحوار ووقف التصعيد.

وشدّد حمدوك على انفتاحه على توسيع القاعدة السياسية المشاركة في الحكومة، ولكن مع إبداء تصميمه في الوقت نفسه على استكمال كل المراحل الانتقالية وصولًا إلى إجراء انتخابات.

تزامنًا مع هذا العرض السياسي، نزلت قوى منشقّة عن الحرية والتغيير إلى الشارع للضغط من أجل استقالة حكومة حمدوك، في الوقت الذي ما زال فيه التيار العسكري كذلك يصرّ على تغيير التشكيلة الحكومية.

شارع مقابل شارع في السودان

هكذا إذًا، بحثًا عن مداخل أخرى للتوافق السياسي يريد رئيس الوزراء السوداني اختبار وصفة جديدة تجنب السودان خسارة تجربة تحوله الديمقراطي.

بتلك الخشية، خاطب حمدوك السودانيين، حيث قدّم خارطة طريق للخروج ببلاده من أسوأ أزمة تهدد انتقالها الديمقراطي.

لكن يبدو أنّ التظاهر في الشارع مقابل شارع آخر مضاد هو الخيار المفضّل لأطراف الصراع السياسي في السودان في لحظة ينقسم فيها المدنيون على أنفسهم.

هكذا، خرج بعض من التيار المدني للاحتجاج على بعضه الآخر، مطالبين بحلّ الحكومة الانتقالية، وبتوسيع القاعدة السياسية للسلطة بحيث يكون لهم منها أيضًا نصيب، تحت شعار "سقطت يا حمدوك".

من جهتهم، يتردّد العسكريون في تسليم هذه السلطة بسهولة للمدنيين، حتّى تصل المرحلة الانتقالية لخواتيمها.

في غضون ذلك، تقول قوى الحرية والتغيير إنّها تستعدّ للحشد في الشارع، لكن في جغرافيا السودان، شوارع أخرى مشتعلة.

ففي شرق البلاد مثلًا، ما زال الغضب مستعرًا من حكومة حمدوك الذي يدعو هؤلاء كما باقي الفرقاء، حسب نصّ خطته، أيضًا للحوار الذي لم يجد بعد السودانيون سبيلًا إليه.

أحزاب "انقلابية" لا تريد حل الأزمة

وترى القيادية في تجمع المهنيين سلمى نور أنّ خارطة الطريق يمكن أن يكون لديها فرصة إذا كانت الأحزاب التي من وراء حشود اليوم ومن وراء أزمة الشرق تريد فرصة لحلّ الأزمة.

وتشير في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، إلى أنّ قوى الحرية والتغيير ترى أنّ هذه الأحزاب لا تريد حلّ الأزمة في السودان وإنما هي أحزاب انقلابية أتت مع توجّه انقلابي من رئيس مجلس السيادة ونائبه للانقلاب على الفترة الانتقالية وعلى الوثيقة الدستورية.

وفيما تلفت إلى أنّ هذا ما تؤكده جميع الأحداث في الفترة الماضية ما بعد 21 سبتمبر، تجزم بأنّ الصراع الحالي ليس صراعًا ما بين المدنيين والعسكريين، ولا هو صراع على السلطة كما يحاول البعض تشخيصه.

وترفض الحديث عن انشقاق داخل الحرية والتغيير، موضحة أنّ الانقسام محصور داخل كتلة من الحرية والتغيير هي كتلة الجبهة الثورية.

صراع على المناصب والمغانم

في المقابل، يعتبر الكاتب الصحافي ضياء الدين بلال أنّ الصراع ليس قائمًا على المبادئ، إذ "ليس هنالك من يسعى لاستعادة الثورة كما تدّعي المجموعات الثائرة وليس هناك في الطرف الآخر من يسعى لاستعادة الديمقراطية والانتقال المدني".

ويوضح في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، أنّ الصراع الحاصل في السودان اليوم هو "صراع مناصب ومكاسب ومغانم لا أكثر ولا أقلّ لكنه يتزيّن بالشعارات البراقة".

ويشير إلى أنّ الصراع قائم على الاتهامات المتبادلة والحكم على النوايا، لكنّه في جوهره "صراع على السلطة والثروة من جميع المكونات سواء كانت عسكرية أم مدنية منقسمة على نفسها".

ويخلص إلى أنّ الحديث عن الوثيقة الدستورية حديث للزينة السياسية ليس أكثر، موضحًا أنّه تمّ تجاوز هذه الوثيقة منذ اليوم الأول، بحيث لم يتمّ تنفيذ بنودها حتى اليوم.

العودة إلى الوثيقة الدستورية

أما الكاتب الصحافي خالد الفكي فيؤكد أنّه يتفق مع ما ذهب إليه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في تشخيص الأزمة.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، إلى أنّ الصراع الحالي هو ما بين الساعين نحو التحول الديمقراطي وأولئك الذين يحاولون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

ويوضح أنّ هذا الصراع هو الذي يؤدي إلى حالة الإرباك في المشهد السوداني بشكل عام وفي تفاصيله المرتبطة بالحكم في الفترة الانتقالية.

ويشدّد على أنّ الضامن الرئيسي هو العودة إلى الوثيقة الدستورية وتطبيقها حرفيًا والتزام الطرفين العسكري والمدني بما يخصّه من بنودها.

ويقرّ بأنّ الوثيقة الدستورية تمّ تجاوزها وتعرضت لخروقات، "ولكن على الأطراف الالتزام بها لأنها النقطة المشتركة التي يمكن أن تدفع بالطرفين إلى الأمام".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close