أنجز الاتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي، بعد أشهر من المفاوضات على مستوى الخبراء. واتفاق برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل يمنح القاهرة قرضًا بـ9 مليارات دولار على 4 سنوات، 3 منها ستُقدّم خلال 6 أشهر وهي من خزانة صندوق النقد، ومليار دولار من صندوق الاستدامة التابع للصندوق.
أما باقي المبلغ، وهو 5 مليارات دولار، فستكون ممولة من دول ومؤسسات عالمية.
تحرير سعر الصرف
ولم يكن الاتفاق ليخرج من كواليس التفاوض، لولا قرار البنك المركزي المصري اعتماد مرونة دائمة لأسعار الصرف.
وأدى سعر الصرف المرن إلى تراجع الجنيه المصري لأدنى مستوى له في تاريخه، مسجلًا أكثر من 22 جنيهًا مقابل الدولار.
هذا الهبوط القوي لم يتسبب به قرار اعتماد مرونة سعر الصرف فقط، بل قرار ثان نص على رفع مستوى الفائدة بنسبة 2%.
وبعد الاتفاق، يتوقع خبراء اقتصاديون أن يسجل سعر الصرف أرقامًا قياسية، فتحريره أو تعويمه بناء على العرض والطلب، يعني الدخول في نفق التضخم وانهيار القدرة الشرائية للمواطن.
وتداعى المصريون لشراء الدولار وادخاره، وكلما زاد الطلب على العملات الصعبة، زاد هبوط الجنيه.
ووفق البنك المركزي، سيم محاربة هذه الأزمة للحفاظ على الجنيه مع رفع الحد الأدنى للأجور، للحفاظ على الأمن الاجتماعي.
لا سيولة في البلاد
في هذا السياق، يؤكد أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي رشاد عبده أن "هناك فجوة تمويلية في البلاد، في ظل ازدياد احتياجات المواطنين، من دون وجود سيولة لدى الدولة".
ويوضح عبده، في حديث إلى "العربي" من القاهرة، أن "الحرب الروسية أثرت كثيرًا، وتحديدًا بسبب تراجع عدد السياح من موسكو وكييف".
ويقول: "في فترة الحروب، يعيش العالم مرحلة عدم يقين، ويميل الناس للادخار بسبب عدم وضوح الرؤية".
ويضيف: "مصر أكبر دولة مستوردة للقمح، وحرب أوكرانيا أدت إلى أزمة حبوب في مصر ما اضطرها إلى زيادة أسعار الواردات".
طلب مصري لصندوق النقد
من جهته، يعتبر رئيس مركز الأبحاث والتنمية الاقتصادية حسن عبيد أن "مؤسسات التنمية وجدت للأزمات، وبالتالي التدخل جاء بناء على طلب مصر".
ويشير عبيد، في حديث إلى "العربي" من باريس، إلى أن "الهدف من تدخل صندوق النقد الدولي هو مساعدة مصر للخروج من الأزمة".
ويؤكد عبيد أن "سعر الصرف المرن يجعل العملة تأخذ شكلها الطبيعي في السوق".
ويضيف: "رفع سعر الفائدة على الجنيه المصري، سيؤدي إلى رفع قيمة الجنيه، وهذا أمر متوقع".
الشعب سيدفع الثمن؟
بدوره، يعتبر الباحث المتخصص في الشأن الاقتصادي أحمد ذكر الله أن "هناك آثارًا كارثية للقرار المتخذ، والذي اعتمد تحت ضغط شديد مع صندوق النقد".
ويلفت ذكر الله، في حديث إلى "العربي" من إسطنبول، إلى أن "مصر تفاوضت مع صندوق النقد منذ أكثر من عام وهذه النتيجة التي وصلت إليه الأمور، وسيدفع الشعب المصري الثمن".
ويقول: "غير صحيح أن الحرب الأوكرانية هي التي تسببت بالأزمة، بل هي سارعت بإظهارها".
ويضيف: "الأزمة موجودة بالفعل، وهناك مجموعة من أهل السلطة تولوا الأمور وأدوا إلى الإفراط بالمشاريع وأهملوا دراسات الجدوى ولم ينظروا لأولويات الشعب المصري".