الجمعة 26 أبريل / أبريل 2024

قيس سعيّد يخصم من أجور القضاة.. الإضراب "قد يستمرّ" أكثر من أسبوع

قيس سعيّد يخصم من أجور القضاة.. الإضراب "قد يستمرّ" أكثر من أسبوع

Changed

نافذة إخبارية ضمن "العربي اليوم" حول تطورات الأزمة التونسية والمواجهة بين الرئيس قيس سعيّد والجسم القضائي (الصورة: فيسبوك - الرئاسة التونسية)
قال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي لـ"العربي" إنّ عزل القضاة جاء على خلفية رفض بعض القضاة إصدار أحكام بسجن سياسيين.

في مواجهة تصعيدية جديدة من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي يسير في طريق تعزيز حكم الفرد الواحد، دعا سعيّد اليوم الإثنين، وزيرة العدل إلى اقتطاع أيام من رواتب القضاة، ولوح بتوقيع عقوبات أخرى بعد أن بدأوا إضرابًا يستمر أسبوعًا احتجاجًا على خطوته المثيرة للجدل بعزل العشرات منهم قبل أيام.

في المقابل، قال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي لـ"العربي" إنّ عزل الرئيس قيس سعيّد 57 قاضيًا جاء على خلفية رفض بعض القضاة إصدار أحكام بسجن سياسيين.

وأضاف الحمادي أنّ الإضراب نجح في كل المحاكم بنسبة 100%، مبيّنًا أنّه قد يستمرّ أكثر من أسبوع في حال عدم تراجع الرئيس عن قراره.

وكان سعيّد اتخذ أحدث خطوة له لإحكام قبضته على السلطة في الدولة، بإقالة 57 قاضيًا، موجهًا لهم تهمة "التستر على قضايا إرهابية" و"الفساد" و"التحرش الجنسي" و"الموالاة لأحزاب سياسية" و"تعطيل مسار قضايا" وستتم ملاحقتهم قضائيًا، على ما أكد في اجتماع وزاري.

وسرعان ما قوبل هذا القرار برفض داخلي من نقابات وأحزاب، إضافةً إلى انتقاد دولي حاد، ولا سيما من جانب الولايات المتحدة ومنظمة العفو الدولية.

القضاة يتحدون في وجه قيس سعيّد

وكان القضاة اتحدوا صفًا واحدًا بمختلف أصنافهم وهياكلهم، ونادرًا ما يحدث ذلك في تاريخ السلطة القضائية، بحسب ما ينقل مراسل "العربي".

ويشير إلى أنّ الرئيس قيس سعيّد لا يعدّ القضاء سلطة، بل وظيفة ليس إلا، حيث ينادي في كل فرصة بتطهير القضاء من الفساد.

ولم يكتفِ سعيّد بحل المجلس الأعلى للقضاء، بل ذهب أكثر من ذلك، وعزل عشرات القضاة في محاولة لبسط نفوذه وإحكام قبضته على كل السلطات، بحسب ما تقول المعارضة.

ولا يكاد يمرّ خطاب للرئيس من دون ذكر القضاء، لكن بالنقد والاتهام دائمًا، وهو ما تنظر إليه المعارضة بعين الريبة، فهو يسعى وفق قولها إلى توظيف القضاء لملاحقة خصومه السياسيين والزجّ بهم في السجن.

"لا تراجع" عن الإضراب 

ويعتبر المدعي العام لدى محكمة التعقيب محمد الرمضاني أنّ استدعاء سعيّد لوزيرة العدل ومطالبتها بشطب أيام الإضراب كان متوقعًا، وليس بغريب، "ولا يعنينا ولا نفكّر به".

ويشير الرمضاني في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ التحدي المطروح على القضاة اليوم يتجاوز بكثير مثل هذه المسألة، لأنّ القضاة الذين لم يُعزَلوا معرَّضون للعزل في أيّ وقت.

ويلفت إلى أنّ القضاة مستعدّون لكل الاحتمالات، ولا تراجع عن الإضراب "طالما بقيت هذه الأوامر موجودة ولم يتمّ الرجوع عنها"، داعيًا إلى إعطاء كل ذي شبهة حقه في الدفاع عن نفسه، ومواجهة ما يُنسَب إليه في مجلس تأديبي بكلّ شفافية، "وعندها ليُعزَل من يُعزَل إذا ما ثبت إخلاله بواجبه المهني".

ويشدّد على أنّ الإضراب هو لأسبوع قابل للتجديد إذا لم يتراجع رئيس الجمهورية عن القرارات التي أصدرها.

مسودة دستور لا تذكر الإسلام كدين للدولة

في غضون ذلك، وفي خطوة قد تؤجّج الشارع أكثر، قال منسق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد دستور "الجمهورية الجديدة" في تونس الصادق بلعيد، إنه سيعرض على سعيّد مسودة لدستور لن تتضمن ذكر الإسلام كدين للدولة، بهدف التصدي للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية على غرار "حركة النهضة".

وينص الفصل الأول من الباب الأول للمبادئ العامّة لدستور 2014 أن "تونس دولة حرّة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها".

وبلعيد هو أستاذ جامعي ومتخصص في القانون الدستوري ويبلغ من العمر83، وعيّنه سعيّد شخصيًا في مايو/ أيار الفائت، للإشراف على هيئة لإعداد مسودة من أجل تنقيح الدستور.

وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس اليوم الإثنين قال بلعيد: "ثمانون في المئة من التونسيين ضد التطرف وضد توظيف الدين من أجل أهداف سياسية. وهذا ما سنفعله تحديدًا وسنقوم بكل بساطة بتعديل الصيغة الحالية للفصل الأول".

وفي رده على سؤال ما إذا يعني ذلك أن الدستور الجديد، لن يتضمن ذكرًا للإسلام كمرجعية، أجاب بلعيد: "لن يكون هناك".

وكان سعيّد علّق العمل بأجزاء كبيرة من دستور 2014 نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، وكلّف لجنة الشهر الفائت لإعداد تعديلات في مشروع مسودة ثم ينظر فيها الرئيس.

وتابع بلعيد: "هناك إمكانية محو الفصل الأول في صيغته الحالية"، مضيفًا: "إذا تم توظيف الدين من أجل التطرف السياسي فسنمنع ذلك".

وأردف: "لدينا أحزاب سياسية أياديها متسخة، أيها الديمقراطيون الفرنسيون والأوروبيون شئتم أم أبيتم، فنحن لا نقبل بأشخاص وسخين في ديمقراطيتنا".

وفي تقديره فإن عدم ذكر الإسلام الهدف منه محاربة الأحزاب السياسية على غرار حركة النهضة التي كانت أكبر الكتل البرلمانية قبل قرار حلّ البرلمان من قبل سعيّد.

وأقرّ سعيّد خارطة طريق سياسية بدأت باستشارة إلكترونية على أن ينظم استفتاء شعبي في 25 تمّوز/ يوليو المقبل حول دستور جديد، وصولا إلى انتخابات تشريعية نهاية العام الحالي.

انتقاد واسع لـ "الرئيس سعيّد"

وكانت حركة "النهضة" التونسية، اعتبرت أن عزل القضاة خطوة أخرى في "وضع اليد على القضاء وإنهاء استقلالية السلطة القضائية وتوظيفها في ضرب المعارضين السياسيين للانقلاب والتضييق على الحريات".

من جهتها، أكدت جبهة الخلاص الوطني المعارضة التصعيد في مواجهة مشروع سعيّد، حتى إسقاط ما وصفته بـ"الانقلاب"، مشدّدة على وجوب استعادة "الديمقراطية التونسية".

وتأزم المشهد التونسي بوتيرة متسارعة، حينما نشر في 20 مايو/ أيار الماضي، بالجريدة الرسمية، مرسوم رئاسي يقضي بتشكيل لجنة لـ"الحوار الوطني"، حيث أعربت عدة قوى تونسية عدم المشاركة في أي حوار مرتقب.

ولاحقًا شكّل موقف الاتحاد العام للشغل الذي يضم أكثر من مليون عضو، رفضه لهذا الحوار بهذا الشكل ضربة للرئيس سعيّد، ولا سيما أن الاتحاد قالها صراحة إنه لا يوافق على حوار محسوم النتائج.

وتزامن بيان النهضة، مع كشف نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وهو أكبر منظمة عمالية في البلاد، الجمعة، عن شن وزيرة العدل في البلاد ليلى جفال "حملة ترهيب وتخويف وضغط على القضاء للتدخل بعدة قضايا". 

ومنذ أن أعلن الرئيس التونسي في 25 تمّوز/ يوليو 2021، احتكار السلطات في البلاد وتعليق أعمال البرلمان وحلّه لاحقًا كما قام باقالة رئيس الحكومة السابق، اعتبر التونسيون أن سعيّد قام بـ "انقلاب" على الدستور.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close