الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

منعطف الانتخابات في تركيا.. أيّ دوافع سياسية لتقديم موعد الاستحقاق؟

منعطف الانتخابات في تركيا.. أيّ دوافع سياسية لتقديم موعد الاستحقاق؟

Changed

"العربي" يبحث في أسباب تقديم موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تركيا (الصورة: غيتي)
تعد المعركة الانتخابية هذه المرة حامية الوطيس وأكثر شدة من سابقاتها، وتنبثق أهميتها من كونها منعطفًا حادًا سيحدد ملامح تركيا خلال الفترة المقبلة.

حدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موعدًا جديدًا لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد، بينما يلملم ائتلاف "طاولة الستة" المعارض أوراقه في مواجهة حزب العدالة والتنمية وسط ترقب نتائج المعركة الانتخابية، وتداعياتها محليًا وإقليميًا ودوليًا.

وقرر أردوغان تحديد يوم الرابع عشر من مايو/ أيار المقبل موعدًا لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد، فهذا التاريخ يسبق بنحو 34 يومًا الموعد الأصلي المقرر لإجراء الانتخابات في 18 من يوليو/ حزيران المقبل.

تقديم موعد الانتخابات

وأشار الرئيس التركي إلى أنّ تقديم موعد الانتخابات لا يعني أنها انتخابات مبكرة، بل أنّ الهدف من ذلك أن تأخذ بعين الاعتبار تاريخ انعقاد امتحانات الجامعات والعطل الصيفية.

كما يتزامن الموعد الجديد لإجراء الانتخابات، مع الذكرى الثالثة والسبعين لفوز الحزب الديمقراطي في أول انتخابات حرّة تشهدها تركيا المعاصرة عام 1950.

ووفقًا لأردوغان، ستنطلق الحملة الانتخابية قبل 60 يومًا من موعد الانتخابات. وهذه المدة بحسب الساسة الأتراك كافية كي تعد الأحزاب المتنافسة ما تيسّر من ذخيرتها الدعائية.

معركة "حامية الوطيس"

وتعد المعركة الانتخابية هذه المرة حامية الوطيس وأكثر شدة من سابقاتها، فطرفاها الرئيسيان حزب العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية من جهة، وائتلاف مكون من ستة أحزاب معارضة من جهة أخرى، وهو ما يعرف بـ"طاولة الستة" أو "الطاولة السداسية".

ويسعى هذا الائتلاف جاهدًا لطي صفحة عقدين من حكم حزب العدالة والتنمية، رغم أن هوية مرشحه الرئاسي لم تتضح بعد في مواجهة مرشح حزب العدالة والتنمية الرئيس رجب طيب أردوغان.

من نافلة القول، إنّ أهمية هذه الانتخابات تنبثق من كونها منعطفًا حادًا سيحدد ملامح تركيا خلال الفترة المقبلة على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، فإما أن تسير سياسة أنقرة على النهج نفسه في حال فوز حزب العدالة والتنمية أو تنحو هذه السياسات مسارًا آخر في حال فوز المعارضة بالانتخابات الرئاسية.

فأبرز القضايا التي ستغير الخارطة الانتخابية ملامحها تتمثل على الصعيد المحلي بالوضع الاقتصادي، أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فتتلخص بالوضع في سوريا خاصة قضية اللاجئين، والموقف من النزاع في ليبيا، علاوة على التوجهات التركية المتعلقة بالحرب الروسية في أوكرانيا، والعلاقات مع دول الإقليم، وكذا مع أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

الرئيس التركي يؤكد أنّ تقديم موعد الانتخابات لا يعني أنها انتخابات مبكرة - غيتي
الرئيس التركي يؤكد أنّ تقديم موعد الانتخابات لا يعني أنها انتخابات مبكرة - غيتي

هل من دوافع سياسية لتقديم موعد الانتخابات؟

متابعة لهذا الملف، يرى رسول طوسون النائب السابق عن حزب العدالة والتنمية أن تقديم موعد الانتخابات شهرًا واحدًا، تصّب في مصلحة الناخب التركي لأن قرابة الـ 100 ألف ناخب سيكونون في الموعد السابق بطريقهم إلى الحج في الحجاز.

ويقول طوسون في حديث إلى "العربي" من اسطنبول: "هؤلاء سيحرمون من حقّهم في التصويت، إذا ما تزامنت الانتخابات في منتصف يونيو مع موسم الحج".

هذا فضلًا، عن تزامن انتخابات يونيو مع موعد الامتحانات في الجامعات التركية، وانتقال بعض العمال من مناطق إلى أخرى ما قد يمنعهم من المشاركة في الانتخابات.

وعليه، يظنّ النائب التركي السابق أن الموعد الجديد الذي حدّده أردوغان في 14 مايو، سيجعل من يوم الاستحقاق يومًا تاريخيًا، لا سيما لرمزيته الديمقراطية، ويوافق على أن ذلك لا يعتبر انتخابات مبكرة بل "تحديثًا ليوم الانتخابات".

هل تقديم الموعد لصالح الجميع؟

بدوره، يلحظ الباحث السياسي إسلام أوزكان أن أحزاب المعارضة لا تعتبر تعديل موعد الانتخابات لصالح الناخبين، أو للمعارضة.

بل وفق أوزكان، تقرأ المعارضة تقديم موعد الانتخابات بأنه خطوة لصالح الحزب الحاكم، ويقول إن معظم الخبراء القانونيين يتفقون على أن أردوغان لا يمكن بالنسبة له الترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة، إلا إذا كانت هناك انتخابات مبكرة.

ويردف الباحث السياسي لـ"العربي": "لذلك يريد التحالف الحاكم تقديم موعد الانتخابات، وإعلان انتخابات مبكرة، وفي نفس الوقت لا يريد تسمية هذه الخطوة بالانتخابات المبكرة، لذلك تقول الأحزاب الحاكمة إنها تحديث".

وعليه، ما حصل هو "تلاعب بالكلمات" من خلال عدم استخدام أنصار حزب العدالة والتنمية المصطلحات القانونية المرتبطة بالدستور، كي لا تفتح النقاشات والإشكاليات القانونية حول المادة التي تنصّ على حلّ البرلمان في حال التوجّه نحو انتخابات مبكرة، بحسب أوزكان.

ما هي خلفيات قرار أردوغان؟

أما الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج، فيتصوّر أن هناك جزءا معلنا وآخر غير معلن في سياق الانتخابات وتوقيتها، لا سيما إذا كانت هناك جولة إعادة في الانتخابات الرئاسية بعد أسبوعين من الجولة الأولى.

ويلفت الحاج إلى أن تزامن الانتخابات مع موعد الامتحانات الجامعية ووجود بعض الناخبين في الحج أو الإجازات الصيفية، هي عوامل من شأنها أن تخفف نسبة الإقبال على هذا الاستحقاق، في وقت تحرص تركيا على أن تكون هناك نسبة مشاركة مرتفعة لا سيما وأن البلاد معروفة بنسب المشاركة المرتفعة.

لكن في المقابل، يعتقد الباحث في حديثه إلى "العربي" من اسطنبول، وجود أسباب أخرى قد تكون مرتبطة بالخروج من أي إشكاليات قانونية أو سياسية، إلا أن الأهم ربما من وجهة نظره هي تبكير الانتخابات قدر الإمكان في محاولة أن تكون بأفضل الأوضاع الاقتصادية والمالية للناخبين، في ظلّ إجراءات حكومية تحاول تخفيف غلاء الأسعار والتضخم.

ويضيف الحاج: "كلما قرّبت الانتخابات أكثر، كلما شعر الناخب أنه يدخل إلى انتخابات في ظروف أفضل، وهذا بالتأكيد يحسّن ظروف الحكومة والرئيس وحزبه".

كما أن السياق الآخر، هو تبكير الانتخابات في ظل خلافات وحالة تنافس داخل "الطاولة السداسية" وأطراف المعارضة، ما من شأنه أن يزيد الضغوطات عليها لتسمية مرشحها، وقد يفاقم الرؤى المتناقضة أكثر، ويدفعها لقرارات غير مدروسة، على حدّ تعبير الحاج.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close