الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

أزمة تونس.. ما نتائج وتداعيات الاستفتاء على الدستور الجديد؟

أزمة تونس.. ما نتائج وتداعيات الاستفتاء على الدستور الجديد؟

Changed

حلقة "تقدير موقف" تناقش نتائج الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس، وتبحث في خيارات المعارضة لمواجهة مشروع قيس سعيّد في ظل أزمات البلاد المتعددة (الصورة: الأناضول)
تطرح أسئلة عما ينتظر تونس والتونسيين مع اتساع الشارع المعارض وتراكم الإخفاقات في الملفات الاقتصادية والاجتماعية وتردي الخدمات وتراجع مستوى المعيشة.

بأقل من ثلث المشاركين بالاستفتاء على الدستور الجديد في تونس، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد تحقيق "انتصار كبير".

فقد أراد سعيّد يوم 25 يوليو/ تموز أن يصادف تاريخ الاستفتاء في الذكرى السنوية الأولى لانقلابه السياسي والدستوري لما في ذلك من دلالة.

في اللغة السياسية الدستورية، سقط الاستفتاء في امتحان الشرعية حيث شارك نحو 30% من الناخبين المسجلين فيما آثرت الأغلبية الشعبية الصمت فجاء المشهد باليًا ورثًا حيث غابت الطوابير الطويلة أمام مراكز الاقتراع.

هذا المشهد دفع جبهة الخلاص الوطني المكونة من تحالف أحزاب معارضة وقوى سياسية ومدنية أخرى إلى وصف الاستفتاء بـ"الفاشل"، لكن سعيّد غير الآبه بالمشاركة الشعبية المتدنية احتفل وأنصاره بما وصفه "انتصارًا" لمشروعه السياسي.

لكنّ هذا الاحتفال أخفى وراءه غضبًا صبه سعيّد على من وصفهم بالخونة واللصوص الذين اتهمهم بدور وراء الضعف في الإقبال على التصويت.

ورغم الجدل الذي خلفته نسبة المشاركة المتواضعة، يستمر الرئيس التونسي بمشروع تكريس كل السلطات بين يديه لتكون المرحلة التالية وفق المسار المحدد مسبقًا تنظيم انتخابات برلمانية مقررة في ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري ضمن مسار لتهميش كل أشكال التنظيم السياسي في المجتمع.

ومع اتساع الشارع المعارض وتراكم الإخفاقات في الملفات الاقتصادية والاجتماعية وتردي الخدمات وتراجع مستوى المعيشة وتنامي الدين العام للدولة وحذر دولي من تراجع الحريات السياسية، تُطرح أسئلة عما ينتظر تونس والتونسيين.

"غياب عوامل الشفافية"

وفي هذا الإطار، يؤكد الكاتب والباحث السياسي صلاح الدين الجورشي أن الرئيس سعيّد فوجئ بعد انتهاء عمليات الفرز بالنسبة المتواضعة لإقبال التونسيين على التصويت في الاستفتاء.

ويشير في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن المشهد الانتخابي كان واضحًا منذ الصباح حيث لاحظ الصحافيون ضعف الإقبال، لافتًا إلى أن أغلب من توجهوا للتصويت هم من الفئة العمرية بين 50 و70 عامًا ما يدل على أن رهان سعيّد على الشباب لم يكن موفقًا يوم التصويت.

ويرى الجورشي أن "عوامل الشفافية لم تكن كافية ومتوفرة بالقدر المطلوب في ظل التأكيد على حصول اختلالات خلال عملية التصويت إضافة إلى تضخيم عدد المقترعين ومضايقات تعرض لها صحافيون ومراقبون".

ويلفت إلى أن الرئيس سعيّد راهن على أن تكون نسبة الاقتراع عالية، إلا أن انخفاضها بهذا الشكل يعني وجود موقف من مشروع الدستور الذي طرحه رئيس الجمهورية من قبل جزء من المواطنين لم يكونوا مهتمين بمسألة دستور جديد، إضافة إلى عملية مقاطعة التصويت من قبل فئة من التونسيين لم تقتنع بالاستفتاء ورأت فيه اعتداء على دستور 2014.

"أسوأ دستور في تاريخ تونس"

بدوره، يعتبر أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة تونس خالد الدبابي أن النسبة الضئيلة للمشاركة في الاستفتاء كانت متوقعة، مشيرًا إلى أن المسار الذي أطلقه الرئيس سعيّد كان "مُشخصنًا".

ويشرح في حديث إلى "العربي" من تونس، أن "هذا المسار دار حول رئيس الجمهورية الذي لم يدرك أن المرحلة التأسيسية هي مرحلة توافق وبناء عقد اجتماعي حقيقي".

ويرى أن النسبة الضئيلة التي صوتت في الاستفتاء لم تقرأ الدستور ولا تهتم به بل صوتت لشخص رئيس الجمهورية فقط، معتبرًا أن هذا الأمر يقوض الطابع الديمقراطي لهذا الاستفتاء.

ويخلص إلى أنه إذا تم السير بمشروع الدستور الذي تم الاستفتاء عليه فسيكون أسوأ دستور عرفته تونس، مشيرًا إلى أن صياغته سيئة وركيكة ويشمل قراءة اختزالية وأحادية للتاريخ التونسي مفروضة من قبل الرئيس سعيّد.

ويشدّد على أن هذا المشروع سيقوض المشروع الديمقراطي في تونس ويؤسس لدولة دينية في الفصل الخامس.

"لا يمكن فرض رأي الأقلية على الأغلبية"

أما أستاذ الفلسفة في معهد الدوحة للدراسات العليا منير لكشو فيعتبر أن الدستور الذي تم الاستفتاء عليه لا يعرفه الناس ولم تتم مناقشته، لافتًا إلى أن من أرادوا القيام بحملة ضد هذا الدستور منعوا من ذلك.

ويشير في حديث إلى "العربي" من الدوحة، إلى أن الاستفتاء على الدستور جرى من دون رقابة دولية أو من قبل منظمات المجتمع المدني التي قامت بدور كبير في الانتخابات التي جرت منذ عام 2011 وانتخابات 2019 التي أوصلت سعيّد إلى سدة الرئاسة.

وإذ يرى لكشو أن من الضروري احترام رأي من صوتوا للدستور، يشدد في الوقت ذاته على أنه لا يمكن أن يفرض رأي الأقلية على الأغلبية.

ويخلص إلى أن هذا الاستفتاء غير شرعي وغير مقبول في كل المعايير خصوصًا وأنه أتى في مسار خاطئ في الأساس ومطعون فيه.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close