تشهد الأزمة في تونس مفصلًا جديدًا، بعد استدعاء القضاء لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونائبه علي العريّض، للمثول يوم الإثنين أمام وحدة مكافحة الإرهاب.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يُستدعى فيها القياديين إلى القضاء، رأت حركة النهضة أن ما يحصل "توظيف سياسي عبر تلفيق التهم بهدف التشفي والتنكيل".
سبحة الاستدعاءات تكر
وقبل أيام، استدعي أيضًا للتحقيق القيادي في الحركة الحبيب اللوز في القضية نفسها، وهي تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر في الخارج وتحديدًا سوريا.
وتكر سبحة استجواب رئيس حركة النهضة والقياديين فيها، حيث تتنوع التهم دائمًا بين تبييض الأموال وتلقي التمويل والتحريض على القوى الأمنية.
ويأتي هذا الاستدعاء بعد أيام من إقرار الرئيس قيس سعيّد لقانون انتخابي جديد يعتمد النظام الفردي، حيث رأى أن "هذا القانون فيه تكريس لسلطة الناخب الذي بات النائب مسؤولًا أمامه وليس أمام حزبه بعد إلغاء القوائم الحزبية".
وأشار سعيّد إلى أنه "لا ينوي استبعاد أي حزب من الانتخابات"، بينما أعلنت أحزاب المعارضة مقاطعة الانتخابات.
لا أفق إذًا للازمة الاقتصادية في ضوء قرار جديد برفع أسعار الغاز والوقود للمرة الرابعة، كما تتفاوض تونس مع صندوق النقد للوصول لاتفاق للحصول على قرض بين 2 مليار و4 مليار دولار.
"قضية معروفة"
في هذا السياق، ترى عضو المكتب الوطني في "مواطنون أنصار الوطن" ضحى العرفاوي أنه "تم استدعاء الغنوشي كأي مواطن تونسي للتحقيق في قضية معروفة، والقضاء سيكون الفيصل بين الجميع".
وتشير العرفاوي، في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن "البكاء والتظلم لحركة النهضة ولعب دور الضحية دائمًا وكأنها مستهدفة من النظام الحالي لم يعد ينطلي على أحد".
وتضيف؛ "لا نطالب بمحاسبة أحزاب، بل بمحاسبة أي إنسان تورط في عملية التسفير والتغرير بالشباب التونسي للقتال في سوريا".
وتوضح أن "لا علاقة لهذا التحقيق باستهداف حركة النهضة، بل يوجد قضاء مستقل في تونس هو من سيتخذ القرار".
"إعصار كبير في النهضة"
من جهته، يرى الكاتب الصحافي صلاح الدين الجورشي أن "الملف مطروح منذ سنوات، وهو مؤلم لأنه راح ضحيته عدد كبير من الشباب التونسي".
ويشير الجورشي، في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن "استهداف حركة النهضة وضعها أمام ملفات حارقة، دون التأكد من مدى تورطها في هذا الموضوع".
ويشدد الجورشي على أن "استدعاء الغنوشي بشخصه يدل على أن الحركة اليوم تعيش تحت إعصار كبير".
ويقول: "استهداف الشخصيتين المحوريتين في حركة النهضة سيكون له تداعيات على المستوى السياسي في البلاد".
"إلهاء الرأي العام"
بدوره، يعتبر القيادي في "النهضة" عبد الفتاح التاغوتي أن "الحركة لا تتباكى وتحترم القضاء المستقل، ودائمًا ما كانت تُلفق ملفات ضدها".
ويشير التاغوتي، في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن "سلطة الانقلاب عاجزة عن توفير أبسط مقومات العيش للمواطنين رغم الوعود المتراكمة، وهي تحاول إلهاء الرأي العام عبر إثارة بعض القضايا".
ويوضح التاغوتي أن "ملف التسفير هو ملف مؤلم، وهناك لجنة برلمانية حققت في الموضوع ولكن لم يشر تقريرها النهائي إلى إدانة حركة النهضة".
ويقول: "المعطيات تبرئ الحركة اليوم، ولكن السؤال هو لماذا التركيز في التحقيقات اليوم على فترة حكم النهضة فقط دون النظر في باقي السنوات التي جرى فيها تسفير التونسيين إلى بؤر النزاعات".