الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

شارع بشارع وشهران حاسمان.. قيس سعيّد ماضٍ في "جمهوريته الجديدة"

شارع بشارع وشهران حاسمان.. قيس سعيّد ماضٍ في "جمهوريته الجديدة"

Changed

تناولت حلقة "للخبر بقية" تصاعد التوتر بين الرئيس قيس سعيّد والرافضين لمشروعه ومآلات الأزمة في تونس (الصورة: رويترز)
يحاول سعيّد إضفاء الشرعية على قراراته من خلال سياسة شارع بشارع، علمًا أنّ من يملك الشارع خلال الفترة المقبلة هو من سيكتب شروطه على الأرجح.

يصرّ الرئيس التونسي قيس سعيّد على المضيّ قدمًا في استكمال مشروعه السياسي وجمهوريته الجديدة بمعزل عن الرفض الذي يواجهه من قبل القوى السياسية والحزبية في البلاد.

فقد صدّق مجلس الوزراء التونسي على مشروع أمر رئاسي يتضمّن دعوة الناخبين إلى الاستفتاء على مشروع دستور جديد في 25 يوليو/ تموز المقبل، وهو التاريخ نفسه الذي بدأ فيه سعيّد بالانقلاب على أسس الديمقراطية كما يقول معارضوه.

كان ذلك عندما حلّ الرئيس سعيّد الحكومة وعطّل البرلمان قبل أن يصدر مرسومًا بحلّ البرلمان نفسه، رغم إعلانه سابقًا عدم قدرته على ذلك بمقتضى الدستور، ليعلّق في نهاية المطاف العمل بفصول من الدستور.

يقول البعض إنّها ربما سياسة شارع بشارع يحاول سعيّد من خلالها إضفاء الشرعية على قراراته، لكنّه أمام جبهة صلبة أكثر من أي وقت مضى، ولا يملك ترف الوقت للمناورة مع مناهضيه.

أما الثابت فيبقى أنّ هناك شهرين حاسمين أمام سعيّد ومعارضيه، ولا سيما أنّ من يملك الشارع خلال الفترة المقبلة هو من سيكتب شروطه على الأرجح، ما يطرح علامات استفهام بالجملة عن الانسداد السياسي في تونس وآفاقه وتبعاته، والحلول الممكنة إن وُجِدت.

إجابة واحدة عن سؤال واحد

في ردود الفعل، أكد زعيم حركة النهضة رئيس البرلمان المنحلّ راشد الغنوشي أنّ الاستفتاء لا مستقبل له ولا سند قانونيًا له، وإنما هي رغبة جامحة في تجميع السلطات في يد شخص واحد وهو المشروع المضاد للثورة.

أما اللافت في مشروع الاستفتاء على الدستور الذي أقصيت منه الأحزاب السياسية، فكان وضع سعيّد الاتحاد العام التونسي للشغل وعمداء كليات القانون ضمن اللجان الاستشارية في صياغة الدستور الجديد، رغم رفضهم الصريح والواضح.

وسيكون الاستفتاء على الدستور بإجابة واحدة عن سؤال واحد "هل توافق على مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية؟"، لكن هناك أسئلة كثيرة وكبيرة تجول في الشارع التونسي قبل أن يجيبوا بـ"نعم" أو "لا"، حول شرعية هذا الدستور من دون توافق وطني.

كما أن أسئلة أخرى تطرح حول مصداقية الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، التي تتفرّع منها لجان ثلاث هي اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وأحد مكوّناتها الرئيسة اتحاد الشغل، واللجنة الاستشارية القانونية التي تضمّ أكاديميين يعيَّنون بمرسوم رئاسي، وكلاهما رفضا المشاركة، إضافة إلى لجنة الحوار الوطني برئاسة الصادق بلعيد، الذي تجاهل رفض أكاديميين بارزين المشاركة وقال إنه سيمضي في صياغة الدستور مع من حضر.

قيس سعيّد خلال لقائه العميد صادق بلعيد
قيس سعيّد خلال لقائه العميد صادق بلعيد، الرئيس المنسق للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة - الرئاسة التونسية

قيس سعيّد "غريب الأطوار"

تعليقًا على كلّ ما سبق، يتحدّث عضو الهيئة التنفيذية لحراك مواطنون ضد الانقلاب جوهر بن مبارك عن "مرحلة من مراحل الانقلاب وخطوة أخرى في اتجاه الانقلاب لا تغيّر شيئًا في المعادلة الأساسية".

ويوضح في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ البلاد الآن تعيش تحت وطأة حكم الفرد وسلطة الفرد الواحد. ويشير إلى أنّ الرئيس قيس سعيّد، "بعد أن استولى على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، يحاول أن يستولي على السلطة التأسيسية ويزجّ بالبلاد بقرار انفرادي في مسار تأسيسي".

ويعتبر أنّ "هذا الرجل غريب الأطوار، لا يعيش على الأرض، وهو منقطع تمامًا عن الواقع التونسي"، لافتًا في هذا السياق إلى إشراكه اتحاد الشغل وعمداء الجامعات في الحوار رغم المواقف الواضحة والصريحة التي صدرت عنهم برفض ذلك.

كما يثير إشكالية أخرى تتعلق بدعوة سعيّد الناخبين إلى الاستفتاء للإجابة عن سؤال بنعم أو لا على الدستور الجديد "من دون أن يكون الدستور موجودًا في حين أن القانون الانتخابي المنظم للاستفتاء ينصّ على أنه عندما يتمّ دعوة الناخبين للاستفتاء يجب أن يكون النصّ جاهزًا لكي يطّلع عليه الناس".

ويخلص إلى أنّ سعيّد "يدفع بالبلاد إلى مسار استفتائي ليس فيه موضوع، حتى إنه غيّر القانون الانتخابي حتى يربح مساحة من الزمن وقال إن طرح النص المعروض على الاستفتاء سيتمّ في 20 يونيو وهذا مخالف للقانون علمًا أن الدستور التونسي ينصّ على أنّه في المرحلة الاستثنائية وفي الحالات الاستثنائية لا يجوز المساس بالقانون الانتخابي".

هل تشارك الأحزاب القومية واليسارية في الحوار؟

في المقابل، يشير الأمين العام لحزب البعث الاشتراكي التونسي عثمان بلحاج عمر إلى أن الرئيس قيس سعيّد "له منطقه الخاص ومنهجيته الخاصة"، على حدّ وصفه.

ويقول في حديث إلى "العربي"، من تونس، إنّ الرئيس انطلق يوم 25 يوليو من أنّ النظام الدستوري الذي كان قائمًا هو نظام مغلق أي أنه عجز من داخله عن حلّ الأزمة التي تخبّط فيها ذلك النظام في تلك الفترة واعتبر أنّ هناك خطرًا يتهدد استقرار الدولة وحياة التونسيين فأعلن التدابير الاستثنائية.

ويرى أنّه "كان عليه أن يقول منذ البداية إن الخطر الداهم يتمثل في البرلمان والحكومة، وها قد أقلت الحكومة وسأحل البرلمان، وبالتالي سنذهب مع بعضنا للتفكير بنظام دستوري وسياسي جديد".

الرئيس التونسي قيس سعيّد
الرئيس التونسي قيس سعيّد - رويترز

ويؤكد الأمين العام لحزب البعث الاشتراكي أنّ الأحزاب القومية واليسارية قرّرت عدم المشاركة في الحوار "إلا عندما تأتينا دعوة واضحة وصريحة لا لبس فيها من الرئيس نفسه"، مضيفًا: "نحن أحزاب سياسية لدينا دور ولا نقبل أن ندخل خلسة أو من الشباك".

وفي ما يرى أنّ الرئيس يريد أن يقول إنه دعا الجميع وهم رفضوا بينما هو ماض في ما سطّره من تلقاء نفسه"، يعتبر أنّ "موقف الأكاديميين يدخل في إطار الانقسام السياسي الذي تعيشه تونس لسوء الحظ عموديًا في مستوى نخبتها وشعبها ومؤسساتها وهذا لا يؤسس لمستقبل يشترك فيه جميع التونسيين".

وينفي أن يكون حزبه وسائر الأحزاب اليسارية والقومية تؤيد شخص الرئيس قيس سعيّد، مضيفًا: "نحن ساندنا مسارًا، ونحن نعتبر أنّ قيس سعيد اقتطف ثمرة الحراك الذي بدأناه منذ فترة طويلة، والذي دفعنا على خطه شهداء ومعتقلين".

ما موقف الاتحاد العام التونسي للشغل؟

أما الكاتب الصحافي طارق السعيدي، القريب من الاتحاد العام التونسي للشغل، فيلفت إلى أنّ الأخير يرفض المسار التشاوري أو المنحى التشاوري للحوار وغياب أي صيغة تقريرية ما يعني أنه سيكون حوارًا من أجل الاستشارة وإبداء الرأي من دون أن يكون ملزمًا لإجراءات تغير من الواقع السياسي.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل يطرح بديلًا عن ذلك حوارًا قادرًا على الخروج بالأزمة، موضحًا أنّ "المسار الحالي لا يمكن وصفه إلا أنه الطريق الخطأ الذي يؤدي إلى تعميق الأزمة ولا يؤدي إلى خروج تونس من أزمتها متعددة الأبعاد".

ويضيف: "هذا التوصيف الذي وضعه الاتحاد منذ مدة للمسار الحالي باعتبار أن الأولويات مضطربة ولا وجود لأولويات واضحة سوى الأولوية السياسية التي لا يمكن أن تكون مشروعًا للحكم". ويشدّد على أنّ الأولويات التي يطرحها الاتحاد هي حوار جامع من أجل حل متعدد الأبعاد يعالج الأزمة في إطار تصور مشترك.

ويشدّد على أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل ليس طرفًا ولا حزبًا وهو لا يقصي أحدًا ولا يجدد من يحق له ومن لا يحق له المشاركة في الحوار، ولكنه ينتقد نبرة القوى السياسية من مختلف الاتجاهات، داعيًا إلى "إعادة النظر" بها للمضيّ إلى الأمام.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close