الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

عقد على مجزرة الحولة.. شهادات عن واحدة من أفظع جرائم نظام الأسد

عقد على مجزرة الحولة.. شهادات عن واحدة من أفظع جرائم نظام الأسد

Changed

وثائقي "كنت هناك" يرسم مشهد مجزرة الحولة بشهادات من نجوا منها (الصورة: غيتي)
شهدت الحولة واحدة من أفظع المجازر التي ارتكبها نظام بشار الأسد بغرض قمع الثورة الشعبية، التي راحت تمتد في المناطق السورية للمطالبة بالحرية.

توصف مجزرة الحولة بأنها واحدة من أسوأ المذابح، التي ارتكبها نظام الأسد في قمع الثورة الشعبية، التي خرجت في ربيع عام 2011 تطالب بالحرية.

كانت المنطقة الواقعة في الريف الشمالي لمحافظة حمص قد وصلها مدّ المظاهرات الأسبوعية. فشهدت في 25 مايو/ أيار 2012 مجزرة نُفذت بدم بارد؛ ينقل موقع الأمم المتحدة عن تقارير إخبارية أنها أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، معظمهم من الأطفال والنساء.

دُفن على الأثر هؤلاء في مقبرة جماعية، لكن ذكراهم ظلت حية في وجدان من شهدوا المأساة ونجوا من الموت، لكنهم ما زالوا يعيشون تحت وقع الصدمة ونزف الذاكرة وألم الفراق. 

جثث متكومة وملاءات

فُجع عماد عبد الرزاق باستشهاد العشرات من أفراد عائلته في تلك المجزرة. كان يوم جمعة حملت فيه المظاهرة الأسبوعية عنوان "يا دمشق قادمون"، ولم يتمكن من العودة إلى منزله جرّاء القصف.

يقول إنه ميّز يومها صوت إطلاق نار، وشاهد عناصر ارتدى بعضهم زيًا مموهًا وآخرين بملابس سوداء ومدنية يتجهون إلى الحي الذي تقيم فيه عائلته. 

وبمرور بعض الوقت سمع رشقات نارية قوية، تلتها أخرى كل خمس دقائق، غير أن أيًا من الفظائع التي رآها لاحقًا لم تخطر في باله.

عماد الذي كان قد هاتف عائلته ورجاها أن تلتزم الحذر جرّاء القصف الذي تشهده المنطقة، هاتف شقيقته مجددًا لكن أحدًا لم يرد على اتصاله. وعندما اتصل بزوجة أخيه أجابه رجل، بادره بالقول أحضروا السيارات لنقل النساء والأطفال، فلا شيء هنا سوى الدم. 

يقول عماد إن أحد الرجال الغاضبين لهول المأساة جاءه فور وصوله إلى الحارة، معزيًا: "راحوا كلهم، لم يبق أحد".

ويشير إلى أن منزل عمه كانت فيه الجثث مغطاة بالملاءات، كشفها تباعًا فشاهد مناظر تقشعر لها الأبدان.

أما منزل عائلته، فكانت فيه الجثث متكومة، وتعود إحداها إلى ابن شقيقته ذي التسعة أشهر. كان رضيعًا وأُصيب برصاصتين في البطن.

تشير تقارير إلى أن مجزرة الحولة أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص معظمهم من النساء والأطفال
تشير تقارير إلى أن مجزرة الحولة أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص معظمهم من النساء والأطفال

لم تنسهم ولن تفعل

أم نضال بدورها فقدت أفرادًا من عائلتها، تستعيد ذكراهم يوميًا. تقول إنها تعاني من الأرق وتبكي كل ليلة. لم تنسهم، ولن تفعل.

تعيد تفاصيل المشهد في 25 مايو 2012، لتحكي "حصتها" من المأساة، فتشرح أن العائلات اعتادت أن تجتمع هربًا من القصف ولتمضية الوقت. وذلك ما حصل في يوم الجمعة، الذي وصلت فيه النيران إلى حارتنا فلم يعد باستطاعتنا الخروج منها.

تشير إلى أن ابنتها التي قُتلت في اليوم نفسه، كانت تناشدها أن يهربوا من المكان، لكن لم يكن بمقدور أحد فعل ذلك.

وتلفت إلى أن البلدة توقعت أن يتم تفتيش الحي، لكن لم يخطر لها أن "يفعلوا ما فعلوه بنا". 

في ذلك اليوم، وصل عناصر النظام إلى باب دار أم نضال، فأخبرتهم ابنتها أن لا رجال في المنزل، بل كل من فيه نساء وأطفال. غير أن كلامها لم يحفظهم من المصير القادم.

تمكنت الجدة، التي نجت وإحدى حفيداتها، من التسلل إلى السطح وانبطحت أرضًا بعدما شاهدت وصول مزيد من العناصر إلى الحي. 

ادعيت الموت لأنجو

من جانبه، يقول علي السيد الذي نجا هو أيضًا إن عناصر الجيش الذين أطلقوا النار على الباب أخذوا في البداية عمّيه وشقيقه، غير أن والدته اعترضت وراحت تصرخ، فرموها بـ11 طلقة. 

ويلفت إلى أن العنصر نفسه أردى شقيقته عندما همّ خارجًا من المنزل، ثم أطلق النار عليه وشقيقيه، فلم يُصب وادعى الموت، بينما بلغت الرصاصات رأس أحدهم وظهر الآخر. 

يقول علي إن قلبه فطر أمام منظر عائلته من حوله، وإنه يستذكرهم بغصة لكنه لا يحزن "لأنهم شهداء".

توصف مجزرة الحولة بأنها واحدة من أسوأ المذابح التي ارتكبها نظام الأسد في قمع الثورة الشعبية
توصف مجزرة الحولة بأنها واحدة من أسوأ المذابح التي ارتكبها نظام الأسد في قمع الثورة الشعبية

نقطة تحوّل في مسيرتي

بدوره، يشير جهاد رسلان إلى أن مجزرة الحولة شكلت نقطة تحوّل في مسيرته المهنية، باعتباره كان ينتمي إلى جيش وجد أنه يقوم بقتل الأطفال بدم بارد فيما كانت مهمته حمايتهم، وشعر على الأثر أن عليه تركه.

ويشدد على أن المجزرة كانت بمثابة تأكيد على "أننا جميعًا مستهدَفون، رجالًا وأطفالًا وموظفين، لأننا قلنا لا للظلم ولا لهذا النظام الجائر". 

يستذكر  جهاد اختلاجه للمظاهرات وفرحه بالشعارات التي ترفعها: "الشعب والجيش يد واحدة. ثم يتوقف عند يوم 25 مايو الذي شهد المأساة، فيلفت إلى أنه كان قد خبأ أحد المصابين في علّيته بعدما أعلمه عن نية الجيش تفتيش المنطقة، قبل أن تشهد ما شهدته.

ويتوقف عند ما رآه في منزل مصطفى عبدالرزاق على الأثر، فيقول إن الرجل كان لدى وصولنا ما زال على قيد الحياة، ممددًا على الشرفة ورأسه مهشمًا، لكنه لم يلبث أن لفظ أنفاسه الأخيرة.

ويشرح أنه وجد والأهالي عائلة مصطفى مجتمعة في أبعد غرف المنزل، حيث بدا أنهم شاهدوا مقتله فهربوا إلى هناك. 

ويردف بأن الغرفة كانت مقلوبة رأسًا على عقب، وجميع من فيها كانوا مقتولين بالرصاص من مسافات قريبة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close