الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

احتجاجات إيران تواجه "تشدّد" السلطات.. بماذا تختلف عن سابقاتها؟

احتجاجات إيران تواجه "تشدّد" السلطات.. بماذا تختلف عن سابقاتها؟

Changed

فقرة ضمن برنامج "قضايا" تناقش مستقبل الاحتجاجات الإيرانية والمنحى الذي تتخّذه مقارنة بسابقاتها (الصورة: غيتي)
في حين تقول طهران إنّها تواجه مؤامرة من دول تسعى للإطاحة بالنظام الحاكم، ينفي المشاركون في احتجاجات إيران ذلك، قائلين إنّ مسعاهم تحقيق حياة كريمة.

ما زالت المظاهرات المناهضة للحكومة في أنحاء إيران مستمرّة رغم الأجواء الأمنية المتشدّدة في أحدث موجة للاحتجاجات العامة التي تجتاح البلاد إثر وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق.

وشكّل تشييع جثمان أميني الشرارة التي أطلقت الاحتجاجات في إيران، التي تركّزت في المناطق الشمالية الغربية التي تضمّ محافظة كردستان، لكنها امتدّت أيضًا إلى طهران ومشهد وقزوين ونحو 50 مدينة وبلدة أخرى.

في المقابل، أطلقت السلطات الإيرانية الرصاص الحيّ على المتظاهرين، ما أدّى إلى مقتل العشرات، فيما اعتقلت الآلاف، منهم صحافيون، وقطعت الإنترنت في عدّة مدن، كما نُظّمت مسيرات مؤيدة للحكومة في طهران ردًا على الاحتجاجات المتواصلة والممتدّة.

وبعد تحذيرات أطلقها الحرس الثوري والجيش ووزارة الاستخبارات ضد من وُصِفوا بـ"ممارسي الشغب"، قالت الداخلية الإيرانية إنّها ستواجه بجدية ما سمّتها ممارسات الإخلال بالأمن العام والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة.

وبحسب بيان أصدره الحرس الثوري، فإنّ هناك من "يستغلّ" كل حدث في إيران لتحقيق أهدافه ضدّها، وأنّ ما يحدث ما هو إلا "انتقام من صمود الشعب الإيراني".

"وقت حرج" للسلطات في إيران

في التحليل، يخلص مقال نشر في صحيفة "ناشونال إنترست"، إلى أنّ غضب الشارع الإيراني ليس وليد اللحظة، وإنما هو نتيجة تراكم أزمات داخلية وخارجية، ولا سيما في السنوات الأخيرة، مع تعثر الاقتصاد الإيراني وارتفاع معدلات البطالة وتضخم الأسعار، وتقارير حقوقية عن اضطهاد الأقليات العربية والكردية.

ويوضح كاتب المقال أنّ الاستجابة من السكان للمشاركة في الاحتجاجات كانت سريعة وواسعة النطاق، وكانت مشاركة النساء فيها كبيرة، حيث قامت العديد منهنّ بقصّ شعرهنّ، أو خلع الحجاب الإلزامي احتجاجًا. وطالب المتظاهرون على الفور بإسقاط النظام وإنهاء الجمهورية الإسلامية.

ومع أنّ المظاهرات في الشوارع الإيرانية ليست بالجديدة، وكذلك قمع السلطات لها، لكنّ مقالاً في صحيفة "واشنطن بوست" يلفت إلى أنّ المظاهرات الأخيرة تأتي في وقت حرج بالنسبة إلى السلطات في إيران، مع ورود تقارير تفيد بأنّ مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي مريض، مع عدم وجود خطط واضحة لخلافته، وكذلك بالنسبة إلى مفاوضات الاتفاق النووي.

ويقول الكاتب: إنّ هذه المظاهرات تتميز عن سابقاتها بعدة ميزات، وهي أنّ النساء هنّ اللواتي يقدن هذه الاحتجاجات، وإنّ إيرانيين بارزين يعبّرون عن آرائهم في مختلف أنحاء البلاد، كما أنّ الكثير من الإيرانيين الذين لم يشاركوا فعليًا في التظاهرات أعربوا عن تضامنهم مع النساء، ومع طالبات الجامعات، فضلًا عن أنّ التظاهرات كانت عابرة للانقسامات العرقية.

جولات متسلسلة من الاحتجاجات في إيران

وفي الوقت الذي يسود فيه شعور في أوساط المراقبين للشؤون الإيرانيين بأنّ هذه الجولة من الاحتجاجات مختلفة عن سابقاتها في هذا القرن، فإنّ ثمّة خوفًا من أنّ السلطات لم تُظهِر الحدّ الأقصى من القمع العنيف الذي اعتادت ممارسته ضدّ المحتجّين.

ولم يمرّ عام في العقدين الأخيرين من دون تجدّد المظاهرات في إيران، حيث اختلفت أسبابها، إلا أنّ المطالب تكاد تكون نفسها، في حين تقول طهران إنّها تواجه مؤامرة من دول عدّة تسعى للإطاحة بالنظام الحاكم، وهو ما ينفيه المحتجّون قائلين إنّ مسعاهم الأساسيّ تحقيق حياة كريمة.

ففي يوليو/ تموز 1999، نظّم طلاب مظاهرات في عدّة مدن مردّدين شعارات مناهضة للحكومة، بسبب إجراءات صارمة اتخذتها الشرطة وقتها.

وفي 2009، شهدت إيران واحدة من أكبر موجات الاحتجاجات في تاريخها، وجاءت ردًا على فوز أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية وحصوله على 63% من الأصوات، متفوّقًا بذلك على الإصلاحي مير حسين الموسوي، وسط اتهامات بالتزوير.

وفي فبراير/ شباط 2011، قتل شخصان واعتقل العشرات، مع مشاركة الآلاف من نشطاء المعارضة في تجمّع وُصف بـ"المحظور" لدعم الثورات العربية في مصر وتونس وغيرها.

أما في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، فشهدت إيران سلسلة من الاحتجاجات بدأت بسبب زيادة أسعار الوقود بنسبة 200%، لكنّها سرعان ما شملت الاحتجاج على النظام الحاكم والمطالبة بإسقاطه.

وفي مايو/ أيار 2020، خرج متظاهرون يردّدون شعارات مناهضة للحكومة إلى شوارع عدّة، بعد أن أدى انهيار مبنى ألقي باللوم فيه على انتشار الفساد، إلى مقتل ما لا يقلّ عن 24 شخصًا.

احتجاجات إيران "مرشحة لمزيد من التصعيد"

ويعتبر مدير برنامج الدراسات الإيرانية في معهد الشرق الأوسط للإعلام والدراسات السياسية

نبيل العتوم أنّ المظاهرات الحالية تختلف عن سابقاتها، ولا سيما أنّ المرأة باتت هي من تقود الاحتجاجات، كما أنّها انفجرت بصورة عفوية بعد مقتل مهسا أميني في قسم الشرطة الأخلاقية كما تقول التقارير، رغم وجود شبهات عديدة حول هذا الموضوع.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من عمّان، إلى أنّ المظاهرات انتشرت في معظم الأراضي الإيرانية، حيث بات هناك نحو 100 بؤرة ساخنة، وتمّ إدخال الشرطة الإيرانية بقوة لقمع الاحتجاجات، قبل إدخال قوات الباسيج، في ظل احتمال لدخول الحرس الثوري والجيش الإيراني أيضًا على خط قمع هذه التظاهرات.

ويلفت إلى أنّ الظروف الاقتصادية والاجتماعية هي عوامل كامنة داخل المجتمع الإيراني بعد أن وصل إلى مرحلة من الهزيمة النفسية، مشدّدًا على أنّ هذه التظاهرات انتشرت كالنار في الهشيم واتخذت صفة الانتفاضة حيث توحدت جميع الأعراق والطوائف والملل الإيرانية على الرغم من أن الفتاة المستهدَفة هي كردية سنية.

ويعرب عن اعتقاده بأنّ هذه المظاهرات مرشحة للمزيد من التصعيد خصوصًا مع دخول حوالي 15 مليون من الطلاب والطالبات الإيرانيين إلى المدارس والجامعات.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close