الأربعاء 1 مايو / مايو 2024

الأزمة تزداد تعقيدًا في العراق.. هل ينجح الصدر بليّ ذراع خصومه؟

الأزمة تزداد تعقيدًا في العراق.. هل ينجح الصدر بليّ ذراع خصومه؟

Changed

"العربي" يبحث مآلات التصعيد في الشارع العراقي بعد اقتحام أنصار الصدر للبرلمان (الصورة: غيتي)
تُناقش حلقة "للخبر بقية" التطورات في العراق بعد اقتحام أنصار الصدر للبرلمان، وتتساءل عن مسار الأزمة وما إذا كانت تمضي نحو صدام بين الطرفين.

مرة أخرى، ولمرة ثانية في أقل من أسبوع، يقتحم أنصار التيار الصدري مقر مجلس النواب العراقي، في مشهد بات مكرّرًا في أنظار العراقيين، إلا أن هذه المرة اختار هؤلاء أن يلي اقتحامهم للبرلمان الخاضع لسيطرة قوى سياسية "فاسدة" كما يقولون، اعتصامٌ مفتوح.

ويبدو أن الأزمة السياسية المعقدة في العراق، أمام سيناريوهات مفتوحة كذلك، فقد نزل زعيم التيار الصدري بثقله الجماهيري ليس احتجاجًا فقط على مرشح خصومه لرئاسة الوزراء، بل أيضًا اعتراضًا على مسارٍ كاملٍ تسيطر عليه قوى فاسدة، كما يتهمها أنصاره.

وسبقت مظاهرات اليوم السبت، مهاجمة مؤيدين لمقتدى الصدر لمكاتب محلية في بغداد تابعة لحزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ومكاتب تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم المنضويين في إطار قوى الإطار التنسيقي.

"شارع مقابل شارع"

ورغم إلغاء الجلسة البرلمانية التي كانت مقررة اليوم، وإعلان الإطار التنسيقي تشكيل فريق تفاوضي للتباحث مع جميع المكونات السياسية بهدف تشكيل الحكومة، وإكمال الاستحقاقات الدستورية، إلا أن هذه الخطوات لم تكن كافية لأنصار زعيم التيار الصدري.

ليتحول المشهد شيئًا فشيئًا إلى شارع مقابل شارع آخر، فيما حمل الإطار التنسيقي المسؤولية للجهات السياسية كما قال في بيانه الأخير، "التي تقف خلف هذا التصعيد المخالف للقانون". فدعا الإطار التنسيقي أنصاره إلى التظاهر قبل أن يتراجع عن ذلك، لفسح المجال أمام دعوات الحوار.

أما نوري المالكي زعيم ائتلاف "دولة القانون" والخصم اللدود للصدر، والذي رفعت صوره داخل مبنى البرلمان مع شعارات تدعو إلى محاسبته، فحث الإطار التنسيقي والتيار الصدري على "اتخاذ موقف مسؤول يستوعب الصدمة ويفضي إلى حوار جاد".

وبينما لا تبدو مخارج الأزمة واضحة حتى الآن، لم يجد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي مفرًا من تعليق جلسات البرلمان "حتى إشعار آخر"، داعيًا الفرقاء السياسيين إلى لقاء جامع وحوار فعّال. كذلك، صدرت الدعوة إلى الحوار عن مصطفى الكاظمي رئيس حكومة تصريف الأعمال، لإيقاف ما سماه "الفتنة".

هل يحاول الصدر "إدارة الدفة" من خارج البرلمان؟

ومن بيروت، يعتقد إياد عنبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد أن التيار الصدري وزعيمه يريدان من خلال التصعيد في الشارع إدارة دفة "اللعبة" بحيث إنه في حال كان الإطار التنسيقي قد راهن كثيرًا على تعطيل حكومة الأغلبية التي أرادها مقتدى الصدر مع شركائه، عبر الثلث المعطل، فإنه قادر على تعطيل تشكيل الحكومة من خارج البرلمان.

ويضيف عنبر أن خير دليل على ذلك هو أن " التيار الصدري قادر على توظيف أسلوب التحشيد والمظاهرات.. وقلب المعادلة بهذه الطريقة عبر التعطيل من دون أن يكون مشاركًا في البرلمان. هي الإستراتيجية التي أرادها الصدر".

إلا أن نتيجة هذه الخطوة، هي دخول المشهد السياسي في العراق في دوامة من الفراغ والفوضى السياسية دون تقديم البدائل، وفق أستاذ العلوم السياسية.

جانب من احتجاجات أنصار التيار الصدري داخل مجلس النواب العراقي - رويترز
جانب من احتجاجات أنصار التيار الصدري داخل مجلس النواب العراقي - رويترز

هل ارتد سلاح قوى الإطار التنسيقي عليها؟

أما عادل المانع نائب رئيس المرصد الوطني للإعلام، فيرى أن السياسة هي لعبة ومصالح، "ومن يجيد اللعبة يذهب باتجاه رجحان كفته"، وفي هذه الحالة لعب الإطار التنسيقي ورقته ونجح في تعطيل مشروع "إنقاذ وطن" بشكل كامل، حتى وصلت الأمور إلى انسحاب التيار الصدري.

واليوم، ردّ التيار الصدري الورقة برد أكثر قوة على حد تقدير المانع، فبعد أن لعب خصمه لعبة ورقة سياسية قانونية محضة؛ عاد الصدر إلى لعب ورقة سياسية مع استخدام الشارع الضاغط على الكتل السياسية، على حد تعبيره.

ويردف المانع في حديث إلى "العربي" من بغداد: "أعتقد أن دعوات الحوارات التي أطلقها المالكي من باب المسؤولية وغيره من المسؤولين السياسيين؛ ستصب في مصلحة ورؤية التيار الصدري في المرحلة القادمة وإن كانت مؤقتة قبل التأسيس لمرحلة جديدة يتفق عليها من قبل الجميع".

هل يتجه العراق نحو اصطدام في الشارع؟

بدوره، يلفت باسل حسين رئيس مركز كلوادة للدراسات إلى أن هذا الصراع وإن كان وجهه سياسيًا، إلا أنه يضمر صراعًا أعمق وأشد ضراوة على النفوذ والموارد، وهذا جوهر الخلاف الأساسي بحسبه.

ويتابع في حديث إلى "العربي" من عمان: "للصراع السياسي وجود لكن القوى السياسية التقليدية بعد الاحتلال معروفة ومحدودة واستمكنت كل جهة من مكانها وحدودها حيث كان الصراع مقنّنًا بين القوى المحدودة".

في هذا الإطار، يقول حسين لـ"العربي" إنّ التغيّر جاء بعد "داعش" تحديدًا ودخول قوة السلاح إلى المجال السياسي، فلم تعد مساحات التقسيم المتعارف عليها محسوبة، وبالتالي ضاقت مساحة المصالح وأصبح هناك تدافع حول النفوذ على نحو كبير.

وبالتالي يتصوّر رئيس مركز كلوادة أن يكون الاصطدام "الشيعي – الشيعي" أمرًا واقعًا وليس بالضرورة أن يتحول إلى اقتتال، بل يمكن أن يأخذ وجوهًا متعددة وما نراه اليوم هو أحد وجوهه.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close