الجمعة 10 مايو / مايو 2024

انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب.. هل تتدخل تركيا لنزع فتيل حرب الجوع؟

انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب.. هل تتدخل تركيا لنزع فتيل حرب الجوع؟

Changed

"العربي" يتابع خلفيات وتداعيات إيقاف روسيا العمل باتفاقية الحبوب (الصورة: غيتي)
انسحبت موسكو من اتفاق الحبوب الذي رعته تركيا والأمم المتحدة، والذي كان صاحب اليد الطولى في التهدئة التي شهدتها أسواق الحبوب.

قال وزير الخارجية الأوكرانية ديميترو كوليبا، إن بلاده حذّرت مرارًا من خطط روسيا لإفساد مبادرة الحبوب في البحر الأسود، مطالبًا جميع الدول بالتحرك لثنيْ موسكو عن قرارها وإعادة الالتزام بتعهداتها، نظرا لما يشكله قرارها من مخاطر على الأمن الغذائي في العالم لملايين الناس.

في السياق ذاته، حثّ الاتحاد الأوروبي الكرملين على التراجع عن خطوته، وذلك على لسان منسق السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل الذي حذّر من أنّ القرار الروسي يهدد أهم طرق تصدير الحبوب والأسمدة في العالم.

وكانت روسيا قد أعلنت أمس السبت، تعليق مشاركتها في اتفاق الحبوب مع أوكرانيا، على خلفية استهداف أسطولها في البحر الأسود، وطلبت اجتماعًا طارئًا لمجلس الأمن الدولي غدًا الإثنين المقبل لمناقشة الأمر.

لعبة الجوع

وفيما تتنقل موسكو بين حجة وأخرى راميةً خلف ظهرها كل الانتقادات تجاه هذه الخطوة، حذر مسؤولون من الانعكاسات الخطيرة جدًا لوقف العمل باتفاقية الحبوب على العالم.

فقد شدّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بدوره أيضًا على تبعات هذا القرار، وكشف أنه يوجد أكثر من 2 مليون طنٍ من الغذاء حاليًا في البحر، ما يعني أن الأزمة ستؤثر على أكثر من 7 ملايين مستهلك.

وعدد أن البلدان التي ستتأثر بشكل مباشر في الوقت الحالي هي: الجزائر، ومصر، واليمن، وبنغلادش، وفيتنام، فضلًا عن دولٍ أخرى.

أما وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فترجم واقع إيقاف الاتفاقية "بالمزيد والمزيد من الجوع".

في الضفة المقابلة، يرى مجلس الاتحاد الروسي نفسه منقذًا لهذا الحال، إذ يعتبر أن بإمكان الحبوب الروسية أن تحل مكان نظيرتها الأوكرانية في السوق العالمية.

وأكد المجلس أن إمكانية تصدير الحبوب لديه تفوق الـ 50 مليون طن.

هذا ويتهم البعض موسكو بأنها تتذرع بالهجمات الأخيرة في القرم أو القيود المفروضة على الصادرات الروسية من المحاصيل والأسمدة، للتضييق على خصومها.

أسواق الحبوب في مهب رياح السياسة

 بيد أن الواضح اليوم، هو أن الأمن الغذائي في العالم لن يكون كما كان قبل إيقاف اتفاقية الحبوب، إذ يتوقع أن يفاقم تعليق روسيا مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب أزمة الغذاء العالمية، ويحرم ملايين الناس في الدول النامية من مصادر المواد الغذائية الرئيسية.

وكانت أجواء عدم اليقين التي أحاطت بتمديد الاتفاق، قد ساهمت بزيادة أسعار القمح بـ 18 %، والذرة بـ 27 % الشهر الماضي، بحسب البنك الدولي.

فقد كان الاتفاق الذي رعته تركيا والأمم المتحدة، صاحب اليد الطولى في التهدئة التي شهدتها أسواق الحبوب وساهمت في خفض مؤشر منظمة "الفاو" لأسعار الأغذية للشهر السادس على التوالي.

وحتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ساهم الاتفاق بنقل 9 ملايين طن من الحبوب والمواد الغذائية، وزاد عدد السفن بشكل نسبي لكن عدد الشحنات لا يزال أقل بنسبة 50 % من فترة ما قبل الحرب.

اتفاقية الحبوب

وبدأت قصة اتفاقية الحبوب في يوليو/ تموز الماضي، حين وقعت كل من روسيا وأوكرانيا برعاية تركية وأممية، بحيث يتيح الاتفاق لكييف إعادة فتح موانئها على البحر الأسود من أجل تصدير الحبوب، بما يسمح بتصدير ملايين الأطنان من الحبوب العالقة في أوكرانيا بسبب الحرب.

ونص الاتفاق حينها على إنشاء وضمان ممرات آمنة للسماح بإبحار السفن التجارية في البحر الأسود، وتصدير ما بين 20 إلى 25 مليون طن من الحبوب.

وحتى اليوم أي نهاية أكتوبر، تم تصدير أكثر من 9.2 ملايين طن من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى بموجب الاتفاقية، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.

كذلك، كان من المفترض أن يستمر الاتفاق لمدة أولية تصل إلى 120 يومًا، على أن يتم تمديدها تلقائيًا في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، في حال لم يعترض أي طرف، قبل أن تعلن موسكو وقف العمل به يوم أمس.

تضخم أسعار الغذاء

في السياق ذاته، وبالنظر إلى الأرقام فإنه بالفصول الثلاثة الأولى من عام 2022 بلغ معدل التضخم بأسعار المواد الغذائية في منطقة جنوب آسيا بالمتوسط، أكثر من 20 %.

أما معدل تضخم أسعار الأغذية في المناطق الأخرى ومنها أميركا اللاتينية، والبحر الكاريبي، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد تراوح في المتوسط بين 12 إلى 15 %.

هل تتدخل تركيا لحل الأزمة؟

وحول هذه المستجدات واحتمال تدخل تركيا لإقناع روسيا بالعودة إلى الاتفاق، يقول الباحث السياسي والمحلل الاقتصادي يوسف أوغلو إن الحرب بين روسيا وأوكرانيا يتم تأجيجها من قبل أطراف ثالثة، في حين أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تمارس جهود الوساطة بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

ويردف من إسطنبول: "نجحت تركيا في الكثير من الملفات التي تتعلق بالصراع الروسي الأوكراني، وأهمها اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.. وبفضل ذلك تم تجنيب العالم أزمة غذائية كبرى من خلال إحلال توافق رباعي بين روسيا وأوكرانيا وتركيا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة".

لذلك، يرى أوغلو أن تركيا تواجه ما عجزت عنه الأمم المتحدة إذ إن هناك أطرافًا دولية تريد تصعيد الأزمة وإعاقة اتفاقية التصدير، لا سيما وأن التطورات الأخيرة تتزامن مع اقتراب موعد تمديد الاتفاق الشهر المقبل، على حد قوله.

ويلمح الباحث السياسي في حديث مع "العربي" إلى أن أنقرة قد تكون "متفهمة" لقرار موسكو في هذا الإطار، شارحًا أن "إلقاء اللوم على روسيا فقط لن يخدم أحدًا بل سيصعد الموضوع، في حين أن تركيا مستمرة بوساطتها الإيجابية".

في الوقت عينه، توقع أوغلو أن يتواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيريه الروسي والأوكراني، لنزع فتيل الأزمة الجديدة التي تلوح في الأفق.    

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close