الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

قيس سعيّد وضع النظام الرئاسي نصب عينيه.. هل يغيّر حراك الشارع مساره؟

قيس سعيّد وضع النظام الرئاسي نصب عينيه.. هل يغيّر حراك الشارع مساره؟

Changed

لا يبدو الرئيس قيس سعيّد مكترثًا للأصوات المعارضة له، وهو يسوق أرقامًا فلكية عن أعداد مؤيديه، تعطيه دفعة للمضيّ قدمًا في إجراءاته الاستثنائية.

منذ 25 يوليو/ تموز، تتعاقب نوبات الغضب على الشارع التونسي، تارة بوجه الطبقة السياسية، وأخرى ضد الرئيس قيس سعيّد.

في هذا السياق، تجمّع آلاف التونسيين الأحد في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة احتجاجًا على الإجراءات الاستثنائية التي أقرّها الرئيس قيس سعيّد.

وطالب المتظاهرون بعودة العمل بالدستور والمؤسسات الديمقراطية، تلبية لدعوة من حملة "مواطنون ضد الانقلاب" التي تجمع ناشطين مدنيين وسياسيين من مختلف التيارات.

وجاءت هذه الاحتجاجات بعدما حذر سعيّد من أطراف وجهات لم يسمّها، لكنه قال إنها تعمل ضد الدولة من أجل مصالحها الذاتية.

عدم اكتراث وتخوين

لا يبدو الرئيس قيس سعيّد مكترثًا للأصوات المعارضة له، وهو يظنّ أنّ أسهمه مرتفعة عند أغلبية الشعب التونسي. وفي هذا الإطار، يسوق أرقامًا فلكية عن أعداد مؤيديه، تعطيه دفعة للمضيّ قدمًا في إجراءاته الاستثنائية.

غير أنّ الزخم المتصاعد للتظاهرات المندّدة بقراراته قد يبدو مفنّدًا لادّعاءاته تلك. ولذلك، يلجأ إلى سلاح آخر أقرب للتخوين. هكذا، يتهم أطرافًا داخلية بالاستقواء بالخارج.

لم يفصح سعيّد عن هوية تلك الجهات، في وقتٍ هو متهَم بالارتباط بقوى الثورة المضادة في الخارج، التي تريد الإجهاز على التجربة الديمقراطية التونسية مثلما أجهزت على تجارب أخرى.

"مخلّص للشعب"

وما بين تبادل الاتهامات، تبدو مواقف الخارج خجولة، فهي لا تخرج من دائرة التعبير عن القلق، ومن الدعوات إلى عودة المسار الديمقراطي، وهي مواقف تشجع الرئيس على المضيّ قدمًا بمشروعه كما يرى البعض، في مشروع شرع بإرساء أسسه منذ الانتخابات الرئاسية كما تُظهِر الوقائع.

وإذا كان سعيّد وضع النظام الرئاسي نصب عينيه بديلًا للنظام البرلماني، فإنّ الأحداث والوقائع تتسارع في بيئة ملائمة للرئيس ساهمت في إنضاجها الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والفشل.

ويبعث كل ذلك مشاعر قلق مشروع من أن حراك الشارع قد لا يغيّر من مسار رئيس يعرض نفسه مخلّصًا للشعب من ذنوب من تصدّروا المشهد التونسي منذ انتصار الثورة.

تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس
تظاهرات تونس

"سلطة الانقلاب منغلقة على نفسها"

يتحدّث أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك عن سلسلة رسائل خلف التحركات التي نظّمها التونسيون الأحد في العاصمة.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ الرسالة الأولى تتعلق باستمرار الحراك المواطني في الشارع وتصاعده وتجذره أكثر فأكثر.

ويلفت إلى أنّ الشارع الذي تحرّك يوم 18 سبتمبر ويوم 26 سبتمبر، يوّجه رسالة استمرارية من خلال مواصلة تحركاته، رغم كلّ القيود والمضايقات التي يتعرض لها.

ويعتبر أنّ الرسالة الثانية سياسية بأنّ الانقلاب ليس مقبولًا في الشارع التونسي، وأنّ الشارع التونسي ليس ملكًا لأحد، وليس حكرًا على أحد.

أما الرسالة الثالثة وفق بن مبارك، فهي أنّ جزءًا مهمًا من الشعب التونسي يطالب بعودة الشرعية الدستورية ودولة القانون وبعودة الحريات ويطالب أيضًا بعودة الجمهورية التونسية.

ويشدّد على أنّ المتظاهرين لم يرغبوا بإرسال هذه الرسائل إلى سلطة الانقلاب، "فهي لا تستمع لأحد ولا تتحاور مع أحد بل هي سلطة منغلقة على نفسها"، وإنما أرادوا توجيهها إلى المجتمع المدني والسياسي والقوى الحية في تونس.

الطبقة السياسية "استمرّت في غيّها"

في المقابل، يعتبر الكاتب والباحث السياسي بلحسن اليحياوي أنّ الرئيس قيس سعيّد يوجّه خطابه في الأساس إلى نخبة سياسية معينة، وتحديدًا إلى أولئك الذين كانوا يصنعون القرار السياسي في تونس والذين أوصلوا البلاد إلى نتيجة 25 يوليو.

ويوضح اليحياوي، في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ نتيجة 25 يوليو كانت حتمية لنخبة سياسية لفظها التونسيون وعبّروا عن غضبهم منها في أكثر من مناسبة.

ويلفت إلى أنّ خطاب رئيس الجمهورية موجّه أساسًا إلى هذه النخبة السياسية التي تحاور معها في أكثر من مناسبة طيلة السنتين، "لكن للأسف هذه الطبقة السياسية استمرت في غيّها ولم تأخذ على محمل الجد كل ما قاله الرئيس قيس سعيد".

لكنّ اليحياوي يقرّ في المقابل بوجود "بعض الشطط" في خطابات سعيّد، معتبرًا أنّ عليه أن يعدّل من توصيفاته لأن خصومه ليسوا جميعًا سواء. ويشدّد على أنّ خصوم سعيّد ليسوا جميعًا من الفاسدين والسارقين، ولذلك فعليه "تنسيب" مقاربته.

لماذا يشكّك سعيّد بكل من يختلف معه؟

أما الباحث السياسي صلاح الدين الجورشي، فيتحدّث عن مشكلة كبرى يواجهها رئيس الجمهورية تتمثل في التعامل مع خصومه أو على الأقلّ المختلفين معه.

ويشرح في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ الرئيس سعيّد لا يستمع إلى الأصوات المناهضة له بالشكل المطلوب، وإنما في الغالب يسارع نحو نفيها أو التشكيك في وطنيتها ومصداقيتها.

ويشير إلى أنّ سعيّد يبني بذلك خطابًا أحاديًا، بمعنى أنه لا يتعامل إلا مع الذين يقبلون بأفكاره وتوجهاته، وهذا ما جعله في قطيعة مع جزء لا بأس به من الرأي العام.

ويؤكد الجورشي أنّ من تظاهروا اليوم لا يمثلون كل التونسيين ولكنهم يمثلون جزءًا من هذا الشعب، ورئيس الجمهورية هو رئيس كل التونسيين بمن في ذلك الذين يختلفون معه.

إلا أنّ سعيّد، وفق الجورشي، وبدل أن يفهم دوافعهم وأن يناقشهم حول القضايا التي يطرحونها، يقفز بسرعة إلى التشكيك في وطنيتهم.

وإذ يرى أنّ هناك أزمة حوار وأزمة تخاطب بين رئيس الجمهورية والآخرين، يعتبر أنّ من يؤيّدون الرئيس أنفسهم باتوا يعيشون حالة ارتباك، ولا يستطيعون أن يفهموا ما الذي يقصده ببعض المصطلحات، وبالتالي فهم يجدون حاجزًا في العمق بينه وبينهم رغم أنهم يؤيدونه في مستوى الطرح والمنهجية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close