الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

"عيد ثورة" مختلف في تونس.. هل يؤسس المشهد لدكتاتورية جديدة؟

"عيد ثورة" مختلف في تونس.. هل يؤسس المشهد لدكتاتورية جديدة؟

Changed

في التحركات التي شهدتها تونس في عيد الثورة، سُجّل حضور أمني كثيف واستعمال مفرط للقوة، في مشهد ذكّر كثيرين بممارسات النظام السابق.

مرّت 11 سنة على الثورة التونسية وسقوط نظام زين العابدين بن علي، لكنّ احتفاء التونسيين بهذه الذكرى كان مختلفًا هذا العام.

لم تملأ الحشود الشوارع كما كان مألوفًا في السنوات الماضية، بل غصّت برجال الأمن أيضًا.

دعوات التظاهر في عيد الثورة أطلقتها أكثر من جهة سياسية تونسية للاحتجاج على المسار السياسي الذي تسلكه البلاد وانفراد الرئيس التونسي قيس سعيّد بكل مقاليد السلطة في البلاد.

لكنّ قوات الأمن واجهت هذه التحركات بالاعتقالات والمياه الساخنة لتفريق المتظاهرين ومنعهم من الوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة.

إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، فإلام يؤشّر مشهد الاشتباك اليوم في ساحات الاحتفاء بالثورة التونسية؟ وكيف سيكون المخرَج من هذه الأزمة في ظلّ إصرار الرئيس التونسي على المضيّ قدمًا بفرض واقع سياسي جديد؟

استعمال مفرط للقوة

في التحركات التي شهدتها تونس في الذكرى الـ11 للثورة، سُجّل حضور أمني كثيف واستعمال مفرط للقوة بحسب كثيرين.

وقد بدت مظاهر ذلك واضحة باستعمال الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، في مشهدٍ ذكّر التونسيين بممارسات النظام السابق.

ورغم أنّ دعوات التظاهر تعدّدت، إلا أنّها توحّدت في الزمان والمكان، بعدما اجتمعت حركة النهضة مع حراك مواطنون ضد الانقلاب وأحزاب التيار الديمقراطي والتكتل من أجل العمل والحريات والجمهوري، بالإضافة إلى حزب العمال.

واشتركت المظاهرات جميعها في التعرض لمعاملة أمنية قوية لمنع المتظاهرين وثنيهم عن الاحتفال، ناهيك عن الاحتجاج.

"انتكاسة سياسية وحقوقية"

في المقابل، قالت وزارة الداخلية إنّ تعاملها مع المتظاهرين فرضه الظرف الصحي وقرار منع التجمعات والمظاهرات، محمّلة المتظاهرين مسؤولية التوتر باعتبارهم أرادوا تجاوز الحواجز الأمنية.

لكنّ معارضي الرئيس رفضوا هذه الرواية، واتهموا ما يسمّونها بسلطة الأمر الواقع، بتوظيف الوضع الصحي للتضييق عليهم.

وبحسب مراسل "العربي"، فإنّ المشهد الذي عاشته تونس اليوم يؤشر برأي كثيرين إلى انتكاسة سياسية وحقوقية وتأسيس لدكتاتورية جديدة.

الظروف الصحية "فرضت نفسها"

لكن، خلافًا لذلك، لا ترى القيادية في حركة الشعب ليلى حداد في مشهد تونس اليوم "قمعًا" بقدر ما هو "التزام" بقرارات الهيئة العلمية لمحاربة تفشّي فيروس كورونا في البلاد.

وتشير حداد في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ الإجراءات المتخذة اليوم، لجهة منع التجمعات العامة والخاصة، كانت قد اتُخِذت نفسها العام الماضي إبان حكومة هشام المشيشي.

وتلفت إلى أن هذه الإجراءات فرضتها عودة الإصابات لتسجيل مستويات مرتفعة في الأيام الماضية، على وقع انتشار متحوّر أوميكرون في تونس وغيرها من دول العالم.

وتلاحظ أن "المؤسف" في مشهد المظاهرات التي شهدتها تونس، أنّها وخلافًا للأعوام الماضية، حين كان الشباب هم من يخرجون للاحتفاء بعيد الثورة، اقتصر المشهد على السياسيين المناهضين للرئيس قيس سعيّد.

وتقرّ بأنّ حق التعبير والتظاهر مصون لهؤلاء، وقد خرجوا في 17 ديسمبر/ كانون الأول من دون أن يتمّ مسّهم أو الحدّ من حريتهم، لكن الظروف الصحية هي التي فرضت نفسها اليوم.

وتعتبر أنّ الأمن تصدّى للمظاهرات بحرفية ولم يتمّ الاعتداء على المتظاهرين رغم أن حظر التجوال كان بقرار من الهيئة العلمية.

هل يحق للرئيس أن "ينزع" رمزية الثورة؟

في المقابل، يعلق القاضي وعضو هيئة تحرير مجلة "المفكرة القانونية" عفيف الجعيدي على تغيير تاريخ "عيد الثورة" من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد.

ويوضح في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ يوم 14 يناير هو يوم رمزي للشعب التونسي، مشيرًا إلى أنّ "الرئيس بقرار منفرد اعتبر أنّ هذا اليوم ليس له رمزية ووصفه باليوم المشؤوم الذي يرمز للانقلاب على الثورة".

ويقول: "رأي الرئيس محترم، لكنه هذا رأيه وليس رأي الشعب التونسي الذي يحق له أن يحتفل بهذا اليوم كما احتفل في 17 ديسمبر".

ويسأل: "هل يحق للرئيس أن ينزع رمزية الثورة عن يوم 14 يناير وأن يعتبر الثورة ما يتصوّره هو عنها؟"، مردفًا: "هناك لشعب لتونس هو الذي يحدد الأفكار والقيم التي صنع بها ثورته، وليس لأحد أن يفرض إرادته على هذا الشعب".

ويخلص إلى أنّ ما حدث في تونس اليوم، وطيلة الفترة الأخيرة، لا يمثل في شيء قيم ثورة تونس التي حرّرت الإنسان والتحمت فيها الثقافة الوطنية بالقيم الكونية لحقوق الإنسان ومنها احترام حقوق الأفراد في التظاهر والتعبير.

ويشدّد على حيوية المجتمع التونسي وقدرته على مقاومة فكرة التحكم الفردي، مضيفًا: "صحيح أنّ المحتجّين لم يصلوا إلى شارع الثورة لكن صوت الشارع التونسي وصل، وهذا هو المهمّ".

الانقلاب "كشف عن وجهه الحقيقي"

من جهته، يتوجّه عضو اللقاء الشبابي من أجل الديمقراطية أمان الله الجوهري بـ"تحية إكبار إلى المناضلين والمناضلات من كل الأطراف السياسية الديمقراطية التي كانت اليوم في الشارع من أجل فرض الحرية ومن أجل إحياء ذكرى 14 يناير، يوم انتصار الشعب التونسي على واحدة من أعتى الدكتاتوريات في المنطقة"، على حد وصفه.

ويقول الجوهري في حديث إلى "العربي"، من تونس: "كنّا موحّدين ومتنوّعين ومن كل الأطراف السياسية نناضل ونحيي هذه الذكرى بأفضل ما يمكن وهو التمسّك بالنضال السلمي الوطني الديمقراطي من أجل الحفاظ على الثورة التونسية ومكتسباتها في وجه الانقلاب"، وفق قوله.

ويعتبر أنّ "الانقلاب كشف اليوم عن وجهه الحقيقي بما لا يدع مجالًا للشكّ وكشف عن طبيعته الفاشية التي تختفي فقط وتكتسب شرعية وجودها فقط من أجهزة القمع"، مشدّدًا على أنّ "ما حدث اليوم بحق المتظاهرين جريمة ارتكبتها أجهزة الأمن".  

ويأسف الناشط التونسي لكون "بعض الناس يحاولون أن يتخفّوا وراء الأزمة الصحية لتبرير هذا القمع وتبرير مصادرة الحريات ومصادرة الفضاء السياسي الحر التعددي".

ويخلص إلى أنّ هذا الأمر "يعكس إفلاس نظام 25 يوليو وطابوره الخامس بحيث لم يعد له أي رسالة سياسية يمكن أن يبرر بها وجوده عدا التخفي وراء الأزمة الصحية"، على حدّ وصفه.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close